17 ديسمبر 2010

يا ليتني .. ويا ليتهم .. !!

pen-writing copy
ركضتُ إلى غرفتي أحاول منع عبراتي من النزول .. دخلتُ إليها و اغلقت الباب من خلفي بقوة وجسدي ينتفض بشدة وقدماي لم تستطيعا حملي .. فحاولت الضغط عليهما قليلا و خطوتُ خطواتي بصعوبة نحو مكتبي .. وصلتُ إليه فاتخذت مكاني على الكرسي وامسكت بمذكرتي بسرعة و فتحت صفحاتها لأبدأ بتمزيقها الواحدة تلو الأخرى .. !! لكنني توقفتُ عندما مزقت عدة صفحات .. بدأت بتقليب الصفحات بسرعة حتى وصلت إلى صفحة فارغة .. فأمسكت بالقلم و أردت الكتابة .. لكن يدي كانت ترتجف وبشدة .. حاولت مرارًا وتكرارًا أن اكتب .. لكني لم أستطع !!
قررتُ أن أترك يدي تتحرك كما تشاء .. أردتُ أن يقوم القلم بالكتابة من فوره .. لكن هذا أمر مستحيل في حالتي هذه .. !!
قررتُ بعدها إستعادة هدوئي لعلي أستطيع جعل القلم يتحرك دون توقف .. أغمضتُ عيناي و أخذتُ نفسـًا عميقـًا و بقيتُ صامتة حتى استطعتُ استعادة هدوئي .. فَـ تركتُ القلم جانبـًا ، واعدتُ رأسي إلى الخلف لأحدّق بالسقف مطوّلاً في محاولة تذكّر كل الأمور التي حصلت خلال هذا اليوم ..
صحيح أني كثيرًا ما مررتُ بمواقف سيئة و أقع بمشاكل كثيرة لدرجة أني اعتدتُ عليها كـَ "روتين يومي " .. لكن ما حدث اليوم كان أكثر من أن يكون "روتينـًا" …
ارخيتُ نظراتي للصفحة الفارغة ذات اللون الرمادي الذي يتخللّه الأزرق بطريقة مرتبة .. قلبتُ الصفحة لسابقتها لأرى آخر ما كتبته ، أو بالأحرى أحداث اليوم السابق .. ثم عدتُ للصفحة الفارغة ، تأملتها قليلاً في محاولة إدراك ما سأكتبه .. لكنني أمسكتُ بالقلم .. وضعته بداية السطر .. ثم شرعتُ بالكتابة .. ::
((….
يـــا لـيـــت .. ياليت و ياليت و ياليت و ياليت ….
ياليتني لم أتحدّث ، يا ليتني لم أخبرهم عمّا يحدث ، ياليتني لم أقم بما قالوا ، ياليتني لم أعرفهم ، ياليتني لم أتغيّر ، ياليتني أعود كما كنت .. وياليتني ….
ياليتهم .. ياليتهم لم يتدخلوا في شؤوني ، ياليتهم يبتعدون عني ، ياليتهم يختفون من الوجود ، ياليتهم لم يقابلوني ..
وما أكثر "ياليت" … ولكن "ياليت" .. لم تعمر أي بيت .. !!
كم ازدادت امنياتي .. وكم كانت شديدة الأهمية بالنسبة لي ، لأنها كانت طريقتي في تعبيري و إبداء رغباتي و آرائي .. لكنها الآن مجرد أوهام ، أوهام أظهرت لي مدى غبائي ، أوهام رسمت لي منطِقـًا خاطئـًا و منظورًا غير صحيح للحياة .. كأنما أقوم بكتابة تفاصيل حياتي بنفسي و أسايرها حسب رغباتي .. لكن الأوهام تظل أوهامـًا .. ولا يمكنني تغيير هذا الأمر ، بما انني اقولها واكتبها دون نية ببذل مجهود لجعلها حقيقة .. فهي لن تكون مختلفة عن أحلام الأطفال المبنية على القصص الخيالية .. وقد أدركتُ هذا الأمر اليوم .. لكن ما حدث قد حدث …..
لن يستطيع أحدٌ تغيير هذا الأمر .. ولن يستطيع أحدٌ الرجوع للخلف لتغيير التاريخ .. لكنني أتمنى هذا !! أتمنى أن أتراجع عن كل ماقلت .. لأنني أفضل الندم على السكوت بدلاً من الندم على ما قلت .. !!!
….))
ألقيت القلم جانبـًا و قمتُ بإسناد ظهري بالكرسي .. نظرتُ إلى ما كتبتُ بشرود .. ثم سرعان ما ارتسمت ابتسامة ساخرة على وجهي .. اغمضتُ بعدها عيناي بهدوء .. فـ بالرغم من أني أحب الكتابة .. لكن كتابتي لكلّ الأمور التي تحدث لي لن يغيّرها أو يفعل بها شيئـًا .. فـ أغلقتُ المذكّرة .. نهضتُ من فوق الكرسي لأخرج من غرفتي بهدوء .. في محاولة التصرف كأن شيئـًا لم يكن .. و "ياليتهم" يتصرفون هكذا أيضــًا !!!

هناك تعليق واحد: